«فايننشيال تايمز»: السلطات الصينية تستهدف العلماء بسبب آرائهم

«فايننشيال تايمز»: السلطات الصينية تستهدف العلماء بسبب آرائهم

قالت صحيفة "فايننشيال تايمز"، إن السلطات الصينية تستهدف العلماء بسبب آرائهم الاقتصادية والسياسية، مشيرة إلى العالِم “هُو وِي”، أحد أبرز منتقدي الهجوم الروسي على أوكرانيا، أُجبر على التقاعد المبكر، ليصبح أحدث ضحية لحملة بكين المتزايدة ضد الأكاديميين.

ووفق الصحيفة، فقد أثار “هُو”، المستشار الحكومي البارز، جدلاً كبيراً في الصين عند اندلاع الحرب في عام 2022 بدعوته إلى "قطع العلاقات" مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وهو موقف يتعارض مع السياسة الصينية الحالية التي يقودها شي جين بينغ، والتي تقترب من روسيا.

وأوضح شخصان مطلعان أن “هُو”، الذي نشرت آراؤه بشكل واسع في وسائل الإعلام الدولية، أُجبر على التقاعد العام الماضي عن عمر يناهز 59 عامًا، وهي سن مبكرة بالنسبة لعالم بهذه المكانة.

وكان "هُو" قد شغل منصباً في معهد الحزب الشيوعي في شنغهاي، وهي مدرسة مخصصة لتأهيل المسؤولين.

قمع الأكاديميين

وقالت صحيفة "فايننشيال تايمز"، إن الحزب الشيوعي بقيادة شي، استهدف في السنوات الأخيرة عددًا متزايدًا من العلماء، سواء في الخارج أو في الداخل، إذ سعت السلطات إلى قمع النقاش العام حول مواضيع حساسة مثل السياسة والعلاقات الدولية، بالإضافة إلى الاقتصاد الصيني المتعثر.

أفادت صوفي ريتشاردسون، الباحثة في جامعة ستانفورد، بأن الأكاديميين في الصين "لطالما كانوا موضع شك من قبل الحزب الشيوعي الصيني"، مشيرة إلى أن الأوضاع قد تدهورت بشكل كبير في عهد القيادة الحالية.

وأكدت ريتشاردسون، أن هذا القمع له تداعيات كبيرة على حياة الأكاديميين وجودة أعمالهم البحثية، حيث تزايدت عمليات الاختفاء أو الاحتجاز على خلفية اتهامات غير معلنة، بينما تم طرد آخرين من وظائفهم أو تعطيل حساباتهم على وسائل التواصل الاجتماعي، أو تعرضوا لعقوبات قانونية أخرى.

اتفاقية مع السلطات

تمكن “هُو” من تجنب السجن بفضل اتفاقية مع السلطات تقضي بتنحيه عن منصبه في معهد شنغهاي، وهو ما وصفه مطلعون بـ"الهبوط الناعم"، لم يتسنَ الوصول إلى "هُو' للتعليق، كما لم ترد حكومة شنغهاي على طلبات التعليق، وفقا لـ"فايننشيال تايمز".

وفي إحدى القضايا الأكثر خطورة، احتجزت السلطات هذا العام تشو هنغبينغ، نائب مدير معهد الاقتصاد في الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية، بعد تعليقات أدلى بها عبر تطبيق "وي شات".

ونقلت وسائل الإعلام المحلية والدولية، بما في ذلك صحيفة "وول ستريت جورنال"، تفاصيل احتجازه، لم يتمكن تشو من التعليق على الواقعة.

أكاديميون تحت القمع

وقالت الصحيفة، إن العديد من العلماء واجهوا مصيراً مشابهاً، حيث تم وضع “وُو تشيانغ”، المحاضر السابق في جامعة تسينغوا في بكين، تحت الإقامة الجبرية خلال الجلسة البرلمانية السنوية هذا العام.

تم طرد "وُو"، الذي أجرى أبحاثًا حول حركة المظلات المؤيدة للديمقراطية في هونغ كونغ، من وظيفته في عام 2015 بعد فشله في اجتياز مراجعة الأداء، ورفضت جامعة تسينغوا الرد على طلبات التعليق حول مصيره، وفقا لـ"فايننشيال تايمز".

لم يقتصر القمع على الأكاديميين في الصين فقط، بل امتد ليشمل العلماء الصينيين في اليابان، حيث اختفى أستاذ العلاقات الدولية فان يونتاو العام الماضي أثناء عودته إلى شنغهاي، وذكرت الحكومة اليابانية في أبريل أنها "تراقب" قضيته، معربة عن قلقها بشأن انتهاكات حقوق الإنسان المحتملة.

وفي مارس، أعلنت جامعة كوبي جاكوين اليابانية أنها فقدت الاتصال بالأستاذ هو شييون، الذي اختفى أثناء زيارة إلى الصين، وأعرب كينجي مينيمورا، الباحث في معهد كانون للدراسات، عن قلقه من أن الصين تضغط على اليابان بسبب تعزيزها للعلاقات الأمنية مع الولايات المتحدة.

تزايد حالات الاختفاء

وداخل الصين، اختفت راحيل داووت، عالمة في فولكلور الأويغور، في منطقة شينجيانغ عام 2017، ورفضت وزارة الخارجية الصينية التعليق على تلك الحالات بشكل محدد، مكتفية بالإشارة إلى أن الصين تتبنى "موقفاً مفتوحاً" تجاه التبادل الأكاديمي مع الدول الأجنبية، ولكنها تعارض "التشويه الذي لا أساس له".

وعلق أستاذ الدراسات الشرقية بجامعة برينستون، بيري لينك، على أن الأكاديميين كانوا يعانون من قيود، مشددا على العمل منذ عهد ماو تسي تونغ، إلا أن تلك القيود تحولت الآن إلى نوع من "الرشوة اللطيفة".

وأشار لينك إلى أن الحزب الشيوعي لا يزال يشكل تهديدًا للأكاديميين الذين يخرجون عن الخط المرسوم، واصفًا الحزب بـ"الأناكوندا في الثريا"، أي تهديد غير مرئي ولكنه دائم الحضور.

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية